عرفت الكاتب الصحفي الكبير منير عامر قبل احترافي العمل الصحفي في بيته وبيتي مجلة صباح الخير الغراء، ويسرني كثيرا مشاركتكم هذه الذكريات.
كنت ألتقيه لدى صديق مشترك وقت أن كان في قمة لمعان بريقه وقت أن كان معروفا لجيلي بأنه الكاتب الرشيق لإذاعة الشرق الأوسط الخفيفة المرحة، قوام فارع وعناية فائقة بالمظهر، وصوت قوي كله حماس وشباب، يتكلم وكأنه يحاضر، ويكتب وكأنه طبيب نفسي، هو بالفعل كان مولعا بالتحليل النفسي للأشخاص والأحداث.
واستمرت علاقة الأستاذية بينه وبيني، حتى تحولت إلى صداقة بفرمان منه، عندما فاجأني في أحد لقاءاتي به بقوله: شوف.. إنت بقيت صديقي مش تلميذي!
أنا: بسرعة كدة يا أستاذ؟
هو: لأ من قبل كدة بشوية، ثم استطرد: إنت كنت بتعمل إيه قبل كدة وكنت مضيع وقتك إزاي؟
أنا: لم أضيع يوما واحدا من عمري، كنت ملء العين في النشاط الطلابي وأصدرنا صحيفة ونحن طلاب وصادقت معظم نجوم الغناء وأنا طالب!
هو: جميل.. وكتابك القادم موضوعه إيه؟
أنا متفاجئا: لم أفكر في النشر الأدبي ولكن اقتراح حضرتك محل اعتبار
هو: سوف تأتيك أرباح لم تعرفها من أول كتبك
وهذه النبوءة لم تصادف التحقق حيث حال أحد المنتجين الكبار بيني وبين انتشار أول كتبي ولما أخبرت الأستاذ منير بما حدث معي، قال: كلهم سيختفون وسيبقى كتابك!
الإنسان
أما عن الظروف المصاحبة للحوار الذي تكرم علي بنشره الكاتب والمؤرخ الكبير توفيق العقابي؛ فهي أنني كنت أبحث عن زاوية جديدة أطل بها مجددا على عشاق العندليب في ذكراه، وكنت حريصا على مدى 30 عاما أو يزيد على الكتابة في ذكراه، واهتديت إلى ضرورة إجراء حوار جديد مع الأستاذ منير عامر الذي صاغ بقلمه مذكرات العندليب في حلقات مسلسلة في مجلة صباح الخير قرأتها جميعها، معجبا بقدرته الفائقة على الصياغة والتحليل، وقلت لنفسي سوف أحاول أن أفرج عن جديد حول المذكرات، وأرجو أن أكون قد نجحت، وهو بالفعل فجر مفاجأة من العيار الثقيل عندما قال لي أن عبد الحليم حافظ لم يحب أحدا سوى والدته بهانة (؟!)، وعلى هامش الحوار لفت انتباهي شيء غريب على الأستاذ؛ أنه يتكلم بصوت منخفض على غير عادته، ولما ألقيت بالملاحظة عليه، قال إن السيدة زوجته ترقد إلى جوارنا على فراش المرض، وهو يخشى أن تصدر إليه أمرا لا يسمعه.. هذا هو الإنسان في منير عامر.
-------------------------
حواديت يكتبها: طاهــر البهـي